ديباجة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالحج ركن ركين من أركان الإسلام، وشعيرة يورث تعظيمها تقوى القلوب، ويستجلب رِضَى علام الغيوب، وهي عبادة ممتدة في أعماق التاريخ والزمان، من عهد ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، وهو يحاكي الكون في نظامه، فالحاج يطوف، والعالم من الذرة إلى المجرة يطوف، ﴿كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾.
وقد اعتنت الأمة بهذه الشعيرة العظيمة، واستجابت لنداء:﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ﴾، فتوافد الحجيج من كلّ الرّبوع والأصقاع عبر التاريخ إلى البيت الحرام، وسلكت الشّعوب أشكالا من التّنظيم لتدبير شؤون الحجّ، اقتداءً بأمير الحج الأول سيدنا المصطفى عليه الصّلاة والسّلام، فأخذ عنه الناس فقه المناسك، وتعلموا منه أخلاق الناسك، واستمرت هذه الرحلة عبر التاريخ إلى يوم الناس هذا، وستبقى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وفي هذا المجال الحضاري الديني الوطني، دأب الديوان الوطني للحج والعمرة على تنظيم ملتقاه الوطني السنوي للمرشدين في الحجّ والعمرة، في سياق نشاطاته المتنوعة الثرية المثمرة، فالتأمت بفضل الله أربع ملتقيات لمدارسة قضايا المناسك، كان آخرها ذلك الملتقى الذي عني بنوازل الحج والعمرة، وأفرز جملة من الفوائد والثمرات والمخرجات العلمية والميدانية. والموعد هذا العام مع الملتقى الخامس للإرشاد في الحج والعمرة، الذي ينظمه الديوان الوطني للحج والعمرة بالتعاون والاشتراك مع جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية حول موضوع: البعد المقاصدي للحج والعمرة ، تحت شعار: (وأتموا الحج والعمرة لله)
موضوع الملتقى وإشكاليته:
إدراكا من الهيئة التنظيمية للديوان، والهيئة العلمية للملتقى أهمية موضوع مقاصد الحج والعمرة، الذي يعبّر عن منطلق شعيرة الحج ومآلها، وهي مقاصد ترجع بالمصلحة على بنيان أركان الدّين، وعلى الحجاج والمعتمرين، وعلى الديوان الوطني للحج والعمرة، وعلى وطننا الجزائر، وتمتد آفاق هذه الغايات والأهداف لتشمل مصالح الأمة الإسلامية، والمجتمع الإنساني كلّه، إذا عرفنا كيف نستثمر في هذا الميدان الحيوي.
ذلك أنّ الحج والعمرة بمقاصدها، ومقاصد الشريعة هي روحها وحِكمها وغاياتها ومراميها ومغازيها، فإذا جهلها المكلّف أو غفل عنها، كان عمله شكلا بلا روح، وفعلا بلا حكمة، وجهدا بلا غاية، وهذا عام في المعاملات والعبادات : فإنّ للعبادات عامة ولمناسك الحج والعمرة خاصة مقاصدَ وغاياتٍ وحِكمًا جليلة علمها من علمها وغفل عنها من غفل عنها، ومن الواجب على المسلم الحرص على التّعرّف على هذه المقاصد والحكم بحسب الوسع والقدرة، وخاصة حالة التلبّس بالعبادة والعزم على أدائها، فيجب على الحاج والمعتمر الاهتمام بمعرفة مقاصد الحج والعمرة وحكمهما لِـما لهما من تأثير على تجويد أدائهما وتحسينه. ومن الواجب على العلماء والباحثين بذل الوسع والجهد لاستخلاص هذه المقاصد وحِكمها وتبيانها لعموم الناس، حتى تكون مقدمة علمية عملية لنشر الوعي المقاصدي بين المسلمين عامة والحجيج والعمّار خاصة، حتى لا تصير العبادة قوالب جافة، وشكلانيات ميتة، وحركات جوفاء، بل تغدو العبادات وفي مقدمتها الحج والعمرة معلما بارزا من معالم إصلاح النفس والنهوض بحال الأمة. ولا ريب أنّ من أهم الخطوات لذلك العمل على ترسيخ الفكر المقاصديّ والفقه المقاصدي على مستوى الضمير والعقل الجمعيين للأمة الإسلامية، ومن خلال استحضار مقاصد الشريعة الغرّاء في كلّ أفعال المكلفين معاملات وعبادات: صلاة وزكاة وصوما وحجا وعمرة وغيرها من الشعائر والعبادات والأفعال؛ نشدانًا للإتقان والإحسان في القيام بها، وابتغاء لتحقيق أهدافها وثمارها في واقع الأفراد ولأمة كافة. وإسهاما في هذا السّبيل تقرر أن يكون موضوعُ هذا المحفل العلمي المشهود البحثَ في مقاصد الشريعة الخاصة بمناسك الحج والعمرة، محاولة لتقريبها للمرشدين الدّينين في الحج والعمرة ومن خلالهم لكافة الحجاج والمعتمرين.
<iframe width=”560″ height=”315″ src=”https://www.youtube.com/embed/ItUi4eVOc3I” title=”YouTube video player” frameborder=”0″ allow=”accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture; web-share” allowfullscreen></iframe>
أهداف الملتقى:
– الإسهام في تكوين المرشدين الدينين في الحج والعمرة .
– تعزيز المرجعية الفقهية الوطنية في قضايا الحج والعمرة.
– إبراز البعد المقاصديّ لشعيرة الحجّ والعمرة.
– تعزيز الوعي المقاصدي لدى المرشدين والحجاج والمعتمرين.
– بيان أهمية المقاصد في تفعيل الدّور الدّينيّ والحضاريّ والإنساني للحج والعمرة.
– استثمار فقه مقاصد الحج والعمرة في تحسين أدائهما وضبط تنظيمهما.
– تزويد المرشدين بآليات توصيل مفاهيم الفقه المقاصدي للمناسك للحجاج والمعتمرين.
– تجسيد التعاون بين وزارتي الشؤون الدينية والأوقاف والتعليم العالي والبحث العلمي ومؤسساتهما.
محاور الملتقى:
لدراسة هذه الموضوع، ومحاولة استدعاء جوانبه العملية المختلفة، التي تحقق المصلحة المرجوة لكلّ الأطراف بدءًا من الحاج إلى الوطن إلى الأمة المسلمة إلى المجتمع البشري، فإننا نقترح المحاور الآتية:
المحور الأول: مقاصد الحج والعمرة: مدخل مفاهيمي.
- 1 ـ مقاصد الحج والعمرة تنظيرا وتأصيلا.
- 2 ـ سبل تفعيل مقاصد الحج والعمرة
- 3 ـ معوقات تجسيد مقاصد الحج والعمرة.
المحور الثاني: المقاصد الإيمانية والأخلاقية للحج والعمرة.
- 1 ـ مقاصد الحجاج والمعتمرين:
- الرقي بسلوك الحاج وأخلاقه.
- تقوية روح النظام والانضباط واحترام البيئة.
- 2 ـ مقاصد الوطن ومؤسسات المجتمع:
- تعزيز المرجعية الدينية لدى الحجاج والمعتمرين.
- تقوية روح المواطنة بالوازع الديني.
- 3 ـ مقاصد الأمة المسلمة والمجتمع الإنساني:
- تعزيز أواصر المحبة والأخوة بين أبناء الأمة الواحدة.
- ترقية التضامن والتعاون بين المسلمين.
المحور الثالث: المقاصد العلمية والثقافية للحج والعمرة:
- 1 ـ مقاصد الحجاج والمعتمرين:
- تعلم مناسك الحجّ والعمرة.
- الاطلاع على ثقافات الشعوب والأمم.
- 2 ـ مقاصد الوطن ومؤسسات المجتمع:
- ترقية البحث العلمي المتعدد الجوانب في موضوع الحج والعمرة.
- تقوية الأواصر العلمية والثقافية بين حجاج الوطن.
- 3 ـ مقاصد الأمة المسلمة والمجتمع الإنساني:
- إقامة الندوات العلمية والثقافية.
- دراسة القضايا العلمية والثقافية للأمة.
المحور الرابع: المقاصد الاجتماعية والحضارية للحج والعمرة:
- 1 ـ مقاصد الحجاج والمعتمرين:
- التعرف على الحجاج من داخل الوطن وخارجه وإقامة العلاقات معهم.
- تبادل الخبرات والمعارف مع الحجاج والمعمرين.
- 2 ـ مقاصد الوطن ومؤسسات المجتمع:
- تقوية روح الانتماء إلى الوطن.
- تدريب المواطنين على اكتساب العادات الحسنة واجتناب العادة السيئة.
- 3 ـ مقاصد الأمة المسلمة والمجتمع الإنساني:
- مدارسة القضايا الاجتماعية للأمة والتعاون على معالجتها.
- تبادل التجارب والخبرات في الشؤون الاجتماعية.
المحور الخامس: المقاصد الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية للحج والعمرة:
- 1 ـ مقاصد الحجاج والمعتمرين:
- حرص المسلم على الكسب الحلال.
- التدرب على الاقتصاد في الإنفاق.
- تعزيز روح المواطنة لدى الحاج والمعتمر.
تقوية روح الانتماء إلى الوطن لدى الحاج والمعتمر.
- 2 ـ مقاصد الوطن ومؤسسات الدولة:
- تشجيع وتفعيل المؤسسات الوطنية الخادمة لشعيرة الحج.
- فتح مجالات التعاون مع البلدان الإسلامية في الميادين الخادمة للحج.
- أن يكون الحاج سفيرا لوطنه
- تعزيز روح المواطنة لدى مجموع الحجاج
- التعريف بثقافة المجتمع
- 3 ـ مقاصد الأمة المسلمة والمجتمع الإنسانيّ:
- تعزيز التعاون الاقتصادي بين الدّول المسلمة.
- تبادل السلع والخدمات والخبرات الاقتصاديّة.
- ترقية قيم الأمن والسلم.
- تعزيز وحدة الأمة الإسلامية.
- تجسيد قيم التعارف والتعاون والتثاقف.
- إظهار الصورة الحسنة للأمة.
- الإسهام في تسوية النّزاعات.